
ما زلت اذكر قصة سمعتها عندما كنت في الصف الرابع الابتدائي، لما فيها من تقارب كبير من الواقع...واقع ما اعيشه بشكل خاص.
تتحدث القصة عن الخفافيش او الوطاويط- هذا الكائن الثدي الذي يشبه الفأر الى حد كبير غير انه يملك اجنحة يطير بها- فهو بين كونه طائراً وحيوانا ثديا"فأراً.
" يحكى عن حرب دارت بين الطيور والحيوانات، فاحترات الخفافيش لمن تنتمي. فعندما ذهبت الى الطيور سخروا منها وكادوا يقتلونها مدعين انهم لا يعتبرون طيورا لميزاتهم التي تشبه الى حد كبير الحيوانات فضلا على انها حيوانات ثدية. وعندما ذهبوا الى الحيوانات ظنتهم جواسيس من قبل الطيور وطردتهم عندما وجدتهم يطيرون باستخدام اجنحتهم.
قررت الخفافيش الوقوف وقفة المحايد ، رغم ان الامر ما زال يشغل بالها اذ لم تعرف حقيقة نفسها ان كانت فعلا طيور او حيوانات. اشتد القتال بين الحيوانات والطيور وأصبح كل طرف بحاجة الى مسانده للتغلب على خصمه. فتذكروا الخفافيش... واراد كل طرف ان يكسبه لصفه فذهب ممثل عن الطيور ليقنع الخفافيش بالانضمام اليهم كونهم "يطيرون" كذلك فعلت الحيوانات لتقنع الخفافيش بالانضمام اليهم مدعية ان الخفافيش بالاصل حيوانات وكونهم يطيرون لا يلغون هذه الحقيقة..."
تذكرني هذه القصة بواقع فئة قصتها تشبه قصة الخفافيش الى حد كبير باختلاف واحد: هو ان الخفافيش اختارت ان تسكن وتختبئ في الظلام ولا تحب النور على عكس الفئة التي اتحدث عنها والتي تصبو دائما لان تكون في النور الذي تحبه . ولكن يسعى الاعلام حجبه عنها ويعنل على ان يبقي هذه الفئة في تعتيم اعلامي.
تتساءلون عمن اتحدث؟؟
انهم عرب 48 ( وبما ان الكثير لا يعرفون ماذا يعني هذا المصطلح ساعرفه بايجاز وسأرفق في النهاية مصادر تحوي معلومات كافية ومفصلة) عرب 48: هم الفلسطينيون العرب الذين يعيشون ضمن حدود الحكم الاسرائيلي ويحملون الجنسية الاسرائيلية.
ما لا يعرفه الكثيرون هو حياة الصراعات التي تعيشها هذه الفئة بشكل يومي . صراعات في تعريف لنفسهم بين انتماءهم لقومي والوطني الذي يسري في عروقهم وبين تعريفهم السياسي والمدني الذي يتمثل في السجلات والاوراق.
صراعات بين دافع البقاء والتعايش مع الواقع وبين الكرامة والشهامة والغيرة على وطنهم المتأصلة في افئدتهم.
فهم اغراب في وطنهم مضطهدين من قبل خصمائهم الذين يعيشون بجوارهم...واغراب بين اخوانهم خارج وطنهم الذين معظمهم لا يعرفون عنهم شيء او ربما لا يعرفون بوجودهم، وان عرفوا ..عرفوا امور سلبية خاطئة او ربما لا يريدون ان يعرفوا لاعتقادهم انهم " اصبحوا يهود" او " جواسيس" فاذا لاقوهم نظروا اليهم نظرة احتقار كأنهم مجرومون . ومن الجانب الاخر يعتبرون كعامل خطر على قيام دولة وكيان فيعمل هذا الكيان كل ما بوسعه لقمعهم بشتى الوسائل... فمى عساهم ان يفعلوا؟؟؟
ولنعد لقصة الخفافيش ...فاذا انتموا عرب 48 الى اخوانهم العرب تبرأوا منهم وهمشوهم وكأنهم غير موجودين فهم لا يعترفون بهم بذريعة البطاقة الزرقاء التي يحملوها والتي تكتب تحت خانة الجنسية اسرائيلية واذا حاولوا ان يكونوا كما تقول الاوراق ويتعايشوا بواقع كونهم مواطنين من حقهم الحصول على حقوقهم سيبقى عامل اللغة والقومية سبيل للتمييز ضدهم .
وكما في قصة الخفافيش... عند الحاجة اليهم او عند نجاحهم او نجاح انجازاتهم يتهافت كل طرف بضمهم اليه بحسب مصلحته الشخصية.
هذه ليست سوى مقدمة بسيطة لمسلسل المعاناه اليومي الذي لا يتوقف بالنسبة لعرب 48 .. وسأذكر لكم ان شاء الله بعض الحلقات والمشاهد والمواقف من هذا المسلسل الذي ابطاله أنا ، هو وهي الطالب والعامل ، الرجل والمرأة ، الطفل والعجوز واي شخص ينتمي لعرب 48 . فانتظروا ...
روابط متعلقة