لبيئة خضراء
قبل بضعة ايام اثناء عودتي من العمل ، استوقفني مشهد وجعلني افكر فيه بشكل عميق: كان صاحب احدى الدكاكين يقوم باشعال النار بهدف احراق الكراتين الفارغة للتخلص منها . فتعجبت من امرة . ومن عدم الوعي البيئي لدى معظم الناس... الا يعلم هذا الشخص ان ما يفعله يضر اكثر بكثير مما يفيد . فهو يتلف واحدة من المواد التي نحتاجها فضلا عما يخلفه احراقها من تلويث البيئة ان كان بالدخان والغازات الضارة او بالرماد الذي تخلفه.
علت في رأسي فكرة التدوير: اعادة استخدام المواد وتصنيعها من جديد. وهي ليست بالفكرة الجديدة .
اذكر انه منذ كنت صغيرة كانت هنالك سيارات تجوب الحارات وتعرض شراء قطع معدنية. وما زالت الجملة التي ترددها مكبرات هذه السيارات في بالي :" الي عنده الومينيوم ونحاس خربانه للبيع" فاذكر اننا كنا نتوجه الي اهلنا نسألهم ان يعطونا اغراض لنبيعها ونفرح بالمبلغ المتواضع الذي نحصل عليه. وما زالت امثال هذه السيارات تتجول حتى يومنا هذه وتكرر الجملة ذاتها.
تطور الامر، فقبل حوالي 6 اعوام بدأت حملة امكانية بيع عبوات المشروبات المعدنية الفارغة . وما يثلج الصدر الاقبال الذي تشهده هذه الحملة فتجد الناس - فئة الاطفال بالذات- بدأت تهتم بجمع هذه العبوات من الاماكن العامة، المدارس او في المناسبات والاعراس حتى باتت ظاهرة . فيفرح هؤلاء الاطفال حين يحصلون على مصروف اضافي من هذه الحملة. بالاضافة الى استمرار حملة بيع قطع الحديد والالومينيوم والنحاس. وان كان هذا الاقبال بهدف الحصول على المقابل المادي الذي يحص عليه الناس وكذلك الربح لهذه الشركات التي توفر في هذه الحملة مبالغ كثيرة باعداة اصلاح واستخدام هذه العبةات بدل صناعتها من مواد خام . يتحقق الى جانبهم الاهداف الاهم مثل الاستفادة من موارد طبيعية بدل اتلافها الى جانب تنظيف البيئة من مواد من شأنها تلويثها.
حديثا وبعد رواج حملة العبوات ، نشأت حملة اخرى وهي عبوات المشروبات البلاستيكية الكبيرة . فقد تم نشر صناديق حديدة في معظم البلدان حيث تواجدت واحدة منها في كل حي تقريبا ليضع فيها الناس هذه العبوات بدل رميها في القمامة. فكرة جيدة ايضا ولها نفس الاهداف السابقة .ولكن للاسف، لم تشهد هذه الفكرة رواجا فلا تجد في هذه الصناديق الكبيرة سوى عبوات معدودة . والسبب وبكل اسف اذكر ذلك انه ما من مقابل مادي لذلك.فيفضل الشخص رميها بالقمامة على ان يسير بضع خطوات اضافية ليضعها في هذه الصناديق.
يوما، عندما كنت اسير على احدى الارصفة مررت بجانب احدى هذه الصناديق الجائعة فتألمت الى حالها. وعلى بعد خطوات قليلة منها رأيت عبوه ملقاه على الارض. ( امر شائع فانت ترى مثل هذه العبوات على طول الطريق) ولكن ما زادني عجبا هو قرب هذه العبوة من الصندوق. الهذه الدرجة صعب وضعها في الصندوق؟؟ ذكرني امر الصناديق بالمحتاجون خاليو الوفاض الذين تحت انظار الناس الذين يصرون على تجاهلهم ويفضلون رمي الاشياء على اعطائها لهؤلاء المحتاجين.
انتبه انني لم اعد اصادف هذه الصناديق... يبدو ان الشركة انقذتها وقررت وضعها في اماكن تُقدَّر فيها اكثر بدل ان تبقى فقيرة ، او ربما استعملت هذه الصناديق ضمن حملة تدوير ولكن من نوع اخر - حملة تدوير الحديد- فربما وجد بعض الناس ان لا قيمة لها في هذه الوظيفة فلنستفد من المقابل المادي من وراء بيعها كقطع حديدية!!
بالرغم من النجاح الذي تلقاه حملات التدوير للمواد المعدنية تفشل بالمقابل حملات تدوير المواد التي ربما اقل ثمنا مثل البلاستيك والورق. الا ان الاولى مضرة جدا بالبيئة حقيقة كونها بطيئة التحلل . والاخيرة وان كانت سريعة التحلل الا اننا نستخدمها بكثرة . وذا اردنا اتلاف كل ورقة نستعملها سنحتاج الى قطع الكثير من الغابات...
في النهاية .. اتمنى ان يزيد الوعي البيئي عند الناس وتنجح كافة حملات التدوير التي تعمل بمشاركة الناس فيها. والا يقتصر هدفنا بالمقابل المادي بل نكون اكثر وعيا وادراكا لسلامة البيئة التي نعيش فيها . فلنبدأ من الان، ولنفكر في حلول تقنع الناس بهذه الفكرة وننشرها. او نبدأ بانفسنا ونبحث عن افكار عملية للمساهمة في التدوير. ونبحث عن شركات معنية بشراء مواد مستهلكة واعادة تصنيعها .
بانتظار مبادراتكم واقتراحاتكم . وانا ان شاء الله سأنشر بعض الاقتراخات في هذا المجال لاحقا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق